الأربعاء، 25 مارس 2015

تعرّف على ظاهرة المعاريض في السعودية



تنتشر في المملكة العربية السعودية ظاهرة المعاريض إلى درجة أن أصبح المعروض ثقافة تساوى فيها الأمّيون وأصحاب الشهادات العليا في التفنن بصياغة جميل العبارات لاستعطاف المسؤولين والاستجداء منهم، حتى غدا الكثيرون يصفون شعب المملكة بـ "شعب المعاريض" بسبب طول طوابير مقدّميها للمسؤولين والأمراء.
وتتمثل ظاهرة المعاريض في أن يقوم الشخص بعرض مظلوميته أو حاجته على صاحب القرار في اتجاه صاحب المعروض المقدّم، وتحتوي في مضمونها الاستجداء والتذلّل لاستمالة عطف المسؤول، من أجل الحصول على حقٍ سُلب منه، أو خدمة امتنعت مؤسسات حكومية عن تقديمها له، أما قبول أو رفض المعروض، فيكون بحسب "الواسطة" التي قدّمت المعروض وقرأته بالنيابة عن صاحب التوقيع!
ويؤكد الباحث السعودي عبد العزيز السماري أنه: "في مرحلة انتشار التعليم والكتابة خرجت ظاهرة كتّاب المعاريض عند بوابات المحاكم والإدارات الحكومية للخدمات والوزراء وأمراء المناطق، يأخذون أجرًا ماديًا مقابل تعريضهم للقضية الشخصية، وهم أشخاص يتصفون بحسن الخط والقدرة على استخدام الكلمات المناسبة والتأثير في المسؤول بشكل يصبّ لمصلحة صاحب القضية".
وأضاف أن: "ثقافة المعاريض انتقلت في وقتنا الحاضر، من كُتّاب البوابات الحكومية إلى سيطرة أصحاب الزوايا في الجرائد اليومية"، مبينًا أن بعض أصحاب الأقلام الصحفية يشتهرون عند العامة بالقدرة الفائقة على عرض قضاياهم الشخصية ومشكلاتهم للرأي العام والمسؤولين.
من جانبه أشار الدكتور صلاح الشلهوب الأستاذ بجامعة الملك فهد، إلى أن عدم وضوح الأنظمة في بعض المؤسسات والدوائر الحكومية ساهم في تفشّي ظاهرة كتابة المعروض، لاعتقاد المواطن أنه قد يحصل على تساهل أو إعفاء من خلال شرح حالته بخطاب يوضح حالته الإنسانية أو المادية التي يرى أنها بحاجة إلى عفو أو تعاطف.
وعلى الضفة الأخرى، يؤكد الكثير من المواطنين على أن لجوءهم لكتابة المعروض يعود إلى اعتباره وسيلة سهلة يعبّرون من خلالها عن همومهم ومشاكلهم شفويًا، لافتين إلا أن البيروقراطية الإدارية لدى بعض المسؤولين تستدعي الإلحاح بكتابة المعاريض التي تصل إلى درجة التوسل لاستحصال حقوقهم، بسبب تدنّي ثقافتهم الحقوقية والإدارية.
بدورها ذكرت الناشطة الاجتماعية أنعام آل عصفور، أن هناك بعض الحقوق واجب على المسؤول تنفيذها دون الحاجة لكتابة خطاب تذلّل واستعطاف، حيث إنه من المفترض أن يحصل المواطن على حقّه النظامي دون معاريض أو شفاعات أو تظلّم، وخلاف ذلك.
وأوضحت آل عصفور أن هذا النوع من الخطابات انتشر بسبب عدم مراعاة المسؤولين لحقوق المواطنين؛ مما جعلهم يلجأون إلى المعروض للحصول على خدمة ما، مقترحةً إنشاء إدارات مخصصة لسماع طلبات المراجعين شفويًا تستقبل إشكالاتهم قبل اتخاذ القرار.
انتشار المعاريض بهذا الحجم في المملكة، ينمّ عن الفوضى وسوء التنظيم، في مجتمع مدني يُفترض أن يحكمه نظام يحفظ للمواطن حقوقه دون الحاجة للتوسّل، فمن غير المعقول ألا يكون بمقدور المواطن السعودي نيل أبسط حقوقه بلا معاريض ووساطات و"حَبّ خشوم"!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق