اليوم تقف المرأة السعودية وبكل صراحة، موقف المتفرج في صراعٍ بين فريقين ، فريق لم يأخذ من الدين إلا "القوّامة على المرأة" فأمعنوا في كثير من الأحيان إلى حجبها و تهميشها وتحقيرها وسلب كل حقوقها، وسعيهم الدؤوب لفرض هيمنتهم وتبعيتهم عليها، وفريقٌ لا يعلوا صوته إلا لتحريرها من حجابها وحشمتها ودعواته لتحرّرها من رجال يمارسون الرق الخاص لتنقلها إلى الرق العام، حيث الدعوة مفتوحة والمتعة للجميع لتستلقفها وكالات عارضات الأجساد او جسد يتمايل بأحد الكليبات الهابطة أو على الأقل منظر جميل يزين ذلك الرصيف ليمتع رواد المقاهي نظرهم.
كلا الفريقين أعلاه ظلموا المرأة وأجحفوا بحقها، فهم تركوا مشاكلها الحقيقية وتشبّثوا بأمور تعود بالنفع عليهم لا عليها بشكل يزيد من قهرها والاجحاف بحقها، فالطرف الأول يريدها عبدة ذليلة مطيعة له حبيسة لقراراته وأهوائه، والآخر يريدها سلعة رخيصة،  وينادي ليلاً ونهاراً بضرورة منحها حق القيادة لسيارتها والسماح لها بالإختلاط وغير ذلك.
أين أنتم من تنامي ظاهرة الطلاق والعنوسة؟ أين أنتم من بطالتها والإستيلاء على أموالها وميراثها وتأخر قضاياها في المحاكم؟ أين أنتم من سوء معاملتها في الدوائر الحكومية، وصعوبة حصولها على النفقة؟ أين انتم من ظاهرة العنف الأسري وهجران الأزواج لزوجاتهم؟ أين أنتم من التحرش وحوادث المعلمات...أين أنتم .... ؟!
ولكي ننزل بالموضوع إلى محك الواقع العملي، نضع أمام نظر "المتاجرين" بقضايا المرأة وجسدها، هذه النازلة:
ربما تكونُ الأرقام صادمة، لكنها رسمية وصادرة عن وزارة العدل..
فقد بلغ عدد حالات الطلاق التي سُجلت في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي 33954 حالة، في مقابل 11817 حالة زواج فقط، وللمرة الأولى، تكون حالات الطلاق ثلاثة أضعاف الزواج في المملكة، بواقع 7.75 حالات طلاق في الساعة الواحدة، في مقابل 2.69 حالة زواج، فيما بلغت حالات الخلع في مختلف المناطق 434، وهي أرقام يؤكد باحثون اجتماعيون أنها تنبئ بخطر اجتماعي كبير. 
وزادت حالات الطلاق بمعدل أكثر من 8371 حالة عن نفس الفترة من العام الماضي، كما ارتفعت حالات الخُلع بنسبة كبيرة جداً
كذلك، تؤكد الأرقام الرسمية أن أكثر من 1.5 مليون فتاة سعودية لم تتزوج بعد، ويقدر باحثون في شؤون الأسرة أن الرقم مرشح للارتفاع خلال السنوات العشر المقبلة إلى نحو أربعة ملايين فتاة بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية، في ظل تفشي البطالة.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، فمشكلة المرأة في التعامل مع أجهزة الدولة هي معاناة أخرى ولكن من نوع آخر، فمن طمس الصورة في المعاملات، ومنع دخولها  إلى مرافق حكومية ومتابعة أمورها بنفسها إلى معضلة بعض «أولياء الأمور» الذين اتسعت سطوتهم إلى الحد الذي جعل بعض النساء يصفن حالهن بعبارة: «نحن قاصرات إلى الأبد»، فالاعتقاد الطاغي في مجتمعنا السعودي هو أن الرجل، يمثل السلطة على كل امرأة ضمن نطاق عائلته.
ثم إنّ الكثير من الأنظمة والقوانين شرّعت السلطة الذكورية الاجتماعية ورسّخها بأنظمة منحت الرجل سلطة التحكم بالمرأة وقراراتها، يقابله غياب الحماية القانونية التي من المفترض أن توفرها الدولة لها، لصونها من أي تعسف أو إساءة، وهذا الأمر يوحي للناس أنها توجهات مجتمع ودولة.
أيها المتاجرون بقضايا المرأة: هذه هي مشكلات بناتنا وأخواتنا وأمهاتنا، وهنّ بحاجة إلى وضع استراتيجية مجتمعية قائمة على أسس علمية لحل هذه المشكلات مع مشاركة كافة الجهات المعنية بحيث تسهم كل جهة بدور مناسب للحل، لا إلى استغلال معاناتها لتحقيق مآربكم وأهدافكم الخاصة، اتقوا الله فيهنّ، فإما أن تقفوا معهنّ وقفة صادقة وجادّة لحلحلة مشاكلهنّ التي تكبر يوماً بعد آخر ككرة الثلج، أو أن تصمتوا وتكفّوا أيدكم وألسنتكم عنهنّ!
ختاماً.. اعلموا جيّداً أن ما زاد من واقع المرأة سوءاً، هو تخليكم عن لبّ مشاكلها والتعلّق بقشورها، لأن المرأة في نظركم لا تتعدى كونها مجرد جسد.. هذا يستره وهذا يعرّيه!