السبت، 10 أكتوبر 2015

عجينة الإرهاب !!



قبل أيام وفي عملية واسعة؛ ألقت الجهات الأمنية القبض على نحو 442 مطلوباً أمنياً، ومنتمين لتنظيم “داعش” خلال الـ70 يوماً الماضية، لم تتجاوز أعمار نحو 80% من المقبوض عليهم والمنتمين للفكر الداعشي الـ 30 عاماً، وفي يوليو الماضي تم الإعلان عن القبض على  431 شخصاً أُدينوا بـ”الإرهاب”.

هذه الأعداد الضخمة صادمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتدقّ ناقوس الخطر بأعلى صوته، فمن المرجّح وجود خلايا نائمة بأضعاف من تم اعتقالهم مؤخراً، وهو ما يدعو إلى البحث عميقاً في الأسباب الحقيقية التي حوّلت شبابنا إلى فرائس سهلة لتنظيم داعش الإرهابي الذي بدوره حوّلهم لوحوش تفتك بأقرب الناس إليها، كما حصل مع الشاب الذي قتل ابن عمّه مؤخراً.


لا يمكن الحديث عن التطرف والإرهاب دون استحضار العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي غالباً ما تكون هي المدخل الأول والأهم الذي يتسلّل منه الفكر الداعشي والإجرامي إلى قلوب أبنائنا، فالواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطن العربي عموماً من حيث الفقر والبطالة كانا معاقل حقيقية لتفريخ التطرف ومشاتل خصبة لاستنبات الإرهاب، وهو ما تؤكده أغلب الدراسات والبحوث في هذا الصدد.


ولأن الإحصائيات لا تكذب.. خذ مثالاً: كلما زادت معدلات البطالة في بلد كلما زادت معدلات الجريمة بأنواعها، وايضاً يزداد عدد الإرهابيين في البلاد الاسلامية التي يزداد فيها نسبة البطالة، فبلاد مثل ماليزيا وتركيا والإمارات وقطر وبروناي وإندونيسيا وأذربيجان لاتفرخ ارهابيين بنفس معدلات بلدان مثل باكستان وافغانستان ومصر والعراق ونيجيريا والصومال لان معدلات البطالة في البلدان الاخيرة اكثر بكثير.


ووفقاً للغة الإرقام فإن مجموع ضحايا الإرهاب في كل من العراق وباكستان وأفغانستان يشكلون نسبة 50% من ضحايا العالم، وذلك نتيجة لتضاعف حدة البطالة والفقر والمرض والفساد بنسب غير مسبوقة في هذه الدول منذ عام 2001م، ومن هذا نستشفّ أن الإرهاب والجريمة هما صنيعة الاقتصاد ونتيجة حتمية للبطالة والفقر.


ونحن في المملكة لسنا بعيدين عن هذه المعادلة، فالعلاقة بين البطالة والجريمة  في البلد “علاقة طردية”، وهذا ما أثبته العديد من الباحثين، وفي مقدمتهم الدكتور عاطف عبد الفتاح عجوة في كتابه : البطالة في العالم العربي وعلاقتها بالجريمة وكذلك الدكتور شرف الدين الملك الذي أكد أن البطالة هي العامل الرئيسي في انتشار الجريمة في المملكة، لكن ما يُؤسَف له أننا وعلى الرغم من الإعلان عن تنفيذ الكثير من البرامج الوطنية لتوظيف الشباب والحد من البطالة إلا أن الإحصاءات تؤكد عدم تحقيق نجاحات ملموسة، فمشكلة البطالة لدينا تتفاقم وتنبئ بمزيد من المخاطر الاجتماعية.



ومن هذا المُنطلق؛ لا يمكن محاربة الارهاب دون القضاء على مسبباته، ولن تنجح الدولة في القضاء على شأفة الإرهاب إلا إذا أبدعت في اقتصادياتها وألغت البطالة من المجتمع، ولنتذكّر أن لا خيار أمامنا سوى انتشال طوابير العاطلين والفقراء من واقعهم المزري ومنعها من أن تنساق مخذولة بالوعود الحكومية في حل مشاكلها؛ الى دهاليز الارهاب المظلمة.



وهذا بالتأكيد لا يلغي أهمية دور المؤسسة الدينية والمشايخ والعلماء في التوعية والإرشاد للسلوك القويم، وكذلك دور الإعلام في توضيح وإبراز ما تسببه الأعمال الارهابية من هلاك للحرث والنسل، والخشية كل الخشية من أن تتحوّل أصوات الانفجارات ومناظر القتل ورائحة الدم إلى شيء روتيني في حياتنا اليومية، فمعها ينشأ جيل كامل محاصراً بسياج من العنف والموت ولا يعرف للحياة سبيلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق