الأحد، 28 فبراير 2016

الوطن "الخائن" !

في ظل الظروف الصعبة والحاسمة التي يمر بها الوطن اليوم؛ والذي يخوض حروبا عدة على  أكثر من جبهة وضد أكثر من عدو، يحاول أدعياء الوطنية تعريض المجتمع لمخاطر هو في غنى عنها، من خلال توزيع تهم الخيانة والعمالة على كل من يخالفهم في رأي أو يعارضهم في فكرة.



فهؤلاء منحوا لأنفسهم حق توزيع صكوك الوطنية على من يتوافق معهم، وتهم الخيانة والعمالة على من يخالفهم، بشكل أكبر مما منحه كهنة الكنيسة لأنفسهم؛ من لعب دور الوكلاء عن الله في أرضه، في أكثر عهود الكنيسة انحطاطاً أيام عصور الظلام التي شهدتها أوربا في سالف الزمان.

فاليوم؛ لم يبقَ بيننا مواطن شريف دفعه حب الوطن إلى نقد الأخطاء التي تزيد من الهوّة بين الدولة ومواطنيها، وتنبيه الحكومة على مكامن الخلل وتعريفها بمواطن الفساد الذي يهدم أركان مؤسساستنا ويعيقها عن أداء واجباتها.. إلا وألصق به أدعياء الوطنية جملة اتهامات لها أول وليس لها آخر؛ فهم (الأدعياء) يعمدون إلى استلال العبارات من سياقاتها؛ وطرحها في سياقات تصب في مكيال التخوين الوطني لهؤلاء المخلصين الذين شهد القاصي والداني بوطنيتهم.

لماذا كل هذا التحريض الأسود ضد من يحرص على مقدرات الوطن؟ وأي مصلحة لمن يريد ثني هؤلاء عن حربهم ضد الفساد؟ أوليست هذه الإتهامات الباطلة؛ تزيد من مناعة الفاسدين ضد الأصوات التي تُحاربهم؟
ثم إن التخوين مرفوض جملةً وتفصيلاً؛ لأنه خطاب إقصائي لا يؤمن بالحوار واحترام الرأي المخالف، وليس من حق أحد أن يدّعي أن الوطن ملكه وحده، فيحاول أن يفرض علينا رأيه، مردداً ما قاله فرعون لبني إسرائيل :"ما أريكم إلا ما أرى" !

نقول لأصحاب هذه الأصوات المسعورة؛ تراجعوا تسويق بضاعتكم المزجاة؛ فجميعنا يعلم أن دعوات الاصلاح لا تأتي إلا من مُحب للبلد؛ لأجل أن تصبح أكثر شفافية ونزاهة، واعلموا أن تخوينكم للذين يحاولون إصلاح ما أفسده الفاسدون؛ هو أكبر عائق أمام تقدّم الوطن، فإنْ أصررتم على هذه اللغة؛ فأنتم أحق بالتهم التي تلصقونها بغيركم، لأنكم أصبحتم حجر عثرة في طريق لحاقه بركب الدول المتقدمة.


 لغة التخوين بدأت رائحتها تزكم الأنوف؛ لذا جميعنا مُطالَب بالتصدّي لها،  لأنها مسألة خطيرة  يترتّب عليها  آثار سلبية، لها نتائجها المدمرة؛ فهي تستفز المشاعر وتهدد بصراعات وعداوات وتؤسس للكراهية، كما أنها تمثل ظلماً فاحشاً وجنايةً كبيرةً في حق هؤلاء المخلصين لوطنهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق