الجمعة، 6 نوفمبر 2015

مواطن بدرجة مسؤول !!


ات يحلو للمسؤولين أن يتحدثوا بسلبية فاقعة عن المواطن، بل أنهم يتلذذون في توجيه التهم لهذا المسكين بأنه السبب الرئيسي في أزمة السكن، وأن طريقة تفكيره هي التي قادته إلى مهاوي الفقر والعوز والبطالة وكل ما يعاني منه.. فرغم حجم المؤامرات التي تحاك ضد الوطن من كل حدب وصوب إلاّ أن المسؤولين لازالوا يحاربون المواطن – الذي هو صمام الأمان –  في أدنى متطلبات حياته!!



“لا توجد أزمة سكن” ثم “ثقافة المواطن هي سبب أزمة الإسكان” ومن ثمّ “مشكلة الإسكان هي مشكلة فكر”.. بهذه التبريرات أشغل وزير الإسكان ماجد الحقيل نفسه عن حلّ معضلة الإسكان التي أرهقت نحو 70% من المجتمع، ومثل هذه الطريقة التي يحلل فيها هؤلاء تعكس نظرة طبقية وتكشف تحاملهم على المواطن بصفته المسبب الأوحد للمشاكل والأزمات – على تنوعها – وأنه العائق المتفرد أمام حلها.


غريبة ومستهجنة هذه النظرة السلبية التي ينظر بها هؤلاء للمواطن، باعتباره سبب فشل الخطط الحكومية في معالجة الأزمات التي يعاني منها المجتمع، فهم يحمّلون الناس البسطاء – فوق ظروفهم الصعبة – مسؤولية تقصيرهم، رغم أنه كان الأولى بهم أن يعترفوا بإخفاقهم في أداء الواجبات المنوطة بهم.


كيف يتم تحميل المواطن أزمة الإسكان؟ هل المواطن هو سبب قوائم الانتظار الطويلة بسبب «فكره»؟ هل المواطن هو من سرق أراضي الدولة وحرمها منها؟ هل المواطن هو الذي يخطط بطريقة غير حصيفة للمشاريع، ويضع الميزانيات الضخمة التي لا أثر لها على أرض الواقع؟، وهل هو الذي يؤخر المشاريع والمخططات ويهدر الأموال العامة هنا وهناك؟، هل المواطن هو الذي ينهب ويسرق ولا أحد غيره؟، وهل المسؤولون الذين تشير تقارير ديوان الرقابة للفساد الإداري والمالي في قطاعاتهم هم أصلاً «ملائكة»، ويتوجب على من كتب هذه التقارير أن يقدموا اعتذاراً لهم؟!


لا يعقل أن يكون المواطن هو الضحية والمتسبّب في كل خطأ وأي فشل في تنفيذ المشاريع، ولا يصح أن يكون المواطن هو «الشمّاعة» التي يُعلّق عليها المسؤول أو الوزير فشله في حل أزمة أو إدارة ملف، فبسبب هلوسات هؤلاء أصبح الناس لا يعرفون أكانت المشكلة فيهم حقّاً، أم في الذين باعوهم «الوهم» أم في مؤسسات الدولة باتت عاجزة عن حل مشاكلهم وكأن لا مشاكل هناك من الأساس.


لا يخفى على أحد سواء كان من أصحاب القرار أو من العامة، أن وضع المواطن البسيط وصل إلى درجة جعلت الكل متذمّراً، وبات الشاكي أكثر من الحامد، والناقم أكثر من الراضي، وبالتأكيد هذا السخط لم يأت من فراغ بل وهو نتاج لما وصلنا إليه من تأخّر في جميع المجالات، حتى أصبحت الدول المتأخرة متقدمة علينا في أمورٍ كثيرة، منها السكن والبطالة.



ختاماً: معالجة مشكلة الإسكان لن تتم من خلال تحميل المواطن المسؤولية، والذي يفعل ذلك يغفل أو يتغافل عن أسباب أكثر عمقاً، فهو يغض الطرف عن الفساد، وعن سرقة الأراضي وتشبيكها وعن فشل خطط الوزارة رغم الأموال التي رُصدت لها من أجل حلّ هذه المعضلة، كمسببات حقيقية تعيق التطور والتقدم والانجاز الذي ينتظره الجميع، وصولاً إلى القضاء عليها قبل أن تقضي هي على المواطن!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق