الأحد، 6 مارس 2016

ارحموا مستقبل الوطن..!

بعد أن كنّا نقف مذهولين من ممارسات التعذيب والتنكيل التي يتعرض لها أطفال فلسطين على أيدي الصهاينة، أصبحنا اليوم نقف بذهول أكبر؛ من ممارسات بعض الآباء في مجتمعنا من الذين تجرّدوا من مشاعر الإنسانية وتحوّلوا إلى وحوش كاسرة؛ مستغلين ضعف أطفالهم الصغار الذين ينظرون إليهم على أنهم مصدر الأمان والحنان، ليبادروهم بالأذى والتعذيب بل وحتى التحرش الجنسي!

فبين الحين والآخر نُصدَمُ بخبر حول العنف الوحشي والمؤلم ضد الأطفال؛ آخر هذه الأخبار هو ما تناقلته الصحف ومواقع التواصل الإجتماعي قبل أيام قلائل، حول تعرض طفلة لتحرش جنسي وعنف شديد وتهديد بالقتل من والدها، وبعدما تقدمت المسكينة بشكوى لمركز الشرطة، قامت والدتها برفع دعوى عقوق ضدها.
ظاهرة العنف ضد الأطفال باتت تشكل خطراً اجتماعياً قد يصعب مواجهته مستقبلا، خصوصاً وأن هيئة حقوق الإنسان أكدت أن 45% من أطفال السعودية يتعرضون للعنف بمختلف صوره ودرجاته، وهذا يدعونا إلى مواجهة هذه الظاهرة بحزم وقوة وعدم التساهل معها، لما لها من آثار خطيرة جداً على المتضررين منها وعلى المجتمع ككل.
فالدراسات وجمعيات حقوق الإنسان تفيد بأن العنف ضد الأطفال يؤثر على تطور الطفل عاطفياً واجتماعياً وسلوكياً، ويترك آثاراً سلبية على حياته النفسية ونموّه الجسدي، وتشمل هذه التأثيرات زيادة في العدوانية وتغيرات في تفاعل الطفل مع الأصدقاء والعائلة والمجتمع.
إلى جانب ذلك تتعرض نسبة كبيرة من الأطفال المعنفين إلى التوتر والخوف والقلق، والإكتئاب، وتشير هذه الدراسات إلى أن هناك أدلة كثيرة على ان العنف والاستغلال والإيذاء يمكن أن يؤثر على صحة الأطفال الجسدية والنفسية على المدى القصير والطويل، مما يضعف قدرتهم على التعلم والاندماج في المجتمع، وتؤثر على انتقالهم إلى مرحلة البلوغ مع آثار سلبية لاحقاً في الحياة.
وللقضاء على ظاهرة العنف الأسري، نحتاج إلى تظافر الجهود والتكامل بين الإعلام و المجتمع والمؤسسات الرسمية المعنية، فعلى صعيد الإعلام نحتاج إلى أن يأخذ دوره في التوعية المكثفة بخطر العنف الأسري خصوصاً الذي يتعرض له الأطفال وتسليط الضوء على هذه القضية بشكل أكبر وتشجيع الناس على الإبلاغ عن مثل هذه الحالات، لأننا نعلم يقيناً أن ما يتسرّب إلى الإعلام من حالات العنف الأسرى هي نسبة ضئيلة جداً.
وعلى الصعيد المجتمعي فنحتاج إلى أن يكسر المواطن حاجز الصمت والحياء من الإبلاغ عن هذه الحالات، وهذا يتطلّب وجود “انسان” يملك من الضمير والشعور والانساني ومراقبة الله ما يدفعه للتبليغ عن اي حالة عنف يراها بعينه أو يسمع بها، أما المؤسسات الرسمية فتقع عليها مسؤولية كبيرة تتوزّع بين توسيع حملات التوعية الميدانية وتكثيفها، وبين التطبيق الحازم للقوانين ومعاقبة مرتكبي هذه الأفعال بأشدّ العقوبات.
أطفالنا نعمة وأمانة سنُحاسَبُ عليها، فارحموا طفولتهم لأنّهم مستقبل هذا الوطن…!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق