الأحد، 3 أبريل 2016

العلاج بالتشهير !

تكثر الشعارات التي تُطالب بمحاربة الفساد وينخرط الجميع في ترديد هذه الشعارات، لكن دون أي تحديد لمضمونها أو لكيفية تحديد هذا الفساد وطرق محاربته.
كلنا يعرف الفساد فوجهه لا يختلف كثيراً عن وجوهنا، يأكل ويتحرك هنا وهناك ويضحك معنا وعلينا، نراه في المشاريع المتعثرة، نراه في الأزمات المفتعلة من حين لآخر، نراه هدر المال العام، نراه في تشبيك الأراضي، نراه في الأسواق، نراه في.. في.. في .. الخ.
لقد احتل كل الأمكنة وصار الآمر الناهي، يقف شامخاً في الوزارات والمؤسسات والإدارات والمستشفيات، لكن من رآه خشيَ أن يشير إليه بشكل صريح، فالكل يرمز له برمز معين يلمحون إليه بأصابعهم لكن لا يفصحون عن هويته ويبينوها للناس، وهنا تكمن المشكلة.
فاليوم؛ الكل يفتي في الفساد؛ حتى المفسدين أنفسهم أصبحوا لا يتوانون من التحذير منه ومن أضراره على المجتمع، الكل يشخّص الداء ولكن لا أحد يجرؤ على القيام بالعلاج، وكأننا أمام أطباء يتلذذون ون بمعاناة مرضاهم، فتراهم في كل مناسبة يذكرونهم بمرضهم، لكنهم أيضا؛ في كل مرة يؤجلون لهم العلاج حتى يتغمدهم الله برحمته!
لا يوجد فساد معلق في السماء فالفساد يرتبط جوهريا بوجود فاسدين، لذلك لا يمكن التعويل على محاربته دون تحديد واضح للفاسدين والتشهير بهم، وبالتالي لن تقوم للإصلاح والتغيير قائمة ما دام هناك من دعاة التغيير من لا يزال مذعورا من الإشارة إلى حوامل الداء والاكتفاء بتشخيص فضفاض له وكأن الأمر يتعلق بكائنات فضائية تعيث فسادا في الأرض دون أن يلحظها أحد!
فالاكتفاء بمجرد التشخيص الفضفاض للفساد دون تسمية الفاسدين والتشهير بهم يترك الباب مفتوحا للمناورة الكلامية والخلط، لا بل ودخول الفاسدين أنفسهم في الثرثرة حول الفساد، فتشيع حالة من عدم الثقة في أوساط المواطنين والتشكيك في مصداقية أي خطاب حاليا ومستقبلا، حول محاربته.
فلا يستقيم رفع أي شعار يدعو لمحاربة الفساد دون تحديد واضح وصريح للمفسدين والآليات التي يستعملونها في اختلاسهم ونهبهم للمال العام وتبذيره وإنفاقه خارج ما تقتضيه المصلحة العامة، وغيرها من أوجه الفساد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق